المنظمة العالمية للإبداع من أجل السَّلام/ لندن

أحمد لمسيح راهب الزجل، هو من هلهله منذ عقود من الزمن ولا يزال ..أتعجب لباقي الزجالين الذين لم يستفزوه إلى حد الآن عساهم يعتمرون في محرابه الزجلي الاستثنائي! ..

10-02-2025


74 


الدكتور عبد السلام فزازي

أحمد لمسيح راهب الزجل، هو من هلهله منذ عقود من الزمن ولا يزال ..أتعجب لباقي الزجالين الذين لم يستفزوه إلى حد الآن عساهم يعتمرون في محرابه الزجلي الاستثنائي! ..
السي أحمد لمسيح، مدرسة تأصيلية وحداثية في نفس الوقت وهذا ما لم يتحقق في غيره مما جعله متفردا على حد قول الناقد الفرنسي " جيرار جينيت
" في كتابه" fugures2/ raison de la critique pure..وكل من حاول الكتابة عن تجربته هذه أخالهم لم يستطيعوا حقيقة الوقوف ودون مجاملة عند اختيار لغته الزجلية هو القادم طبعا ومنذ عنعنة ابداعه من القصيدة العربية في مسارها التاريخي، بل لم يقفوا عند أسلوبه "السهل الممتنع" الذي لا يمكن لكائن من كان أن يغامر وهو يدخل معتمرا في متاهاته السهلة الممتنعة.. ولم يقفوا إلا لماما عند "الصورة الشعرية"عند الرجل تلك التي يؤثث بها القصيدة والتي قد تبدو سهلة المنال، إلا أن الحقيقة في سهولتها تنبثق من المرجعيات الفلسفية العميقة التي عشقها منذ أن عشق الإبداع علما أن غالبا ما نتخيل الصورة خارج زواج كاثوليمي مع اللغة المصنوعة لا المطبوعة؛ فلا هو أدونيسي الإبداع، ولا مالارمي المرجعية، ولا حتى لوركي المنهل، بل ولا أي أحد؛ وهو في ذات الوقت حقيقة كل هؤلاء .. زجل الرجل عبارة عن لغة تعانق لغات شتى، وإلا لما أوحى زجله إلى المترجمين غير العرب بترجمة أعماله التي وصلتهم تيليباتيا وحدسيا وشعريا، بينما ترك في ذات المقام المتشاعرين الذي غروا بشعرهم يتيهون في ثنائية "العيافة والقيافة" دون هدى، ولا سبيل إلى التوغل في ماغما لغته الزجلية التي يعشقها القاصي والداني.. ولعل من يتصفح بل يتدبر نقديا أعماله يصل لا محالة إلى حقيقة قلما كتب عليها النقاد المحايدون طبعا، حقيقة أن الرجل يحمل في جعبته مدرستين اثنتين:
" المدرسة الحضرية والمدرسة البدوية"، شأنه شأن المتنبي طبعا..وحاول بذكاء المبدع الناقد، تجنب مدرسة أبي تمام "مدرسة الصنعة" لأنها مغامرة ما بعدها مغامرة.. ألم ينصح أبا تمام تلميذه البحتري كي يبتعد عن هذه مدرسة الصنعة عساه يجد اسلوبه الشعري المتميز؛؟ ولهذا حين قلنا أن السي أحمد نهل منذ هلهلة أشعار بالعربية مارا إلى الزجل  متشبعا بكل هذه القضايا الإبداعية والنقدية، تاركا بالمقابل من مر مباشرة إلى كتابة الزجل على غير هدى   مثله كمن حاول السباحة في النهر، وعند محاولة السباحة في البحر دثرته الدهشة، وهي أول باعث عن طرح الأسئلة الفلسفية الإبداعية، فحاول أن يأوي إلى جبل يعصمه من الغرق، ليصبح في حل من تجربة ذات طبع الأصالة والمعاصرة..لنا عودة إلى تجربة هذا الرجل العظيم..وكما يقول المثل الإسباني:
Como lamsseyah no hay dos de lamsseyeh al cielo..
مثل لمسيح لا يوجد اثنان، من لمسيح إلى السماء